الفضاء الجمعوي للتنمية التشاركية يعطي انطلاقة مشروع تعزيز التشاور الترابي المجالي

على الرغم من تحقيق المغرب للتقدم الكبير في مجال الديمقراطية خصوصا عبر الانتقال التدريجي نحو الجهوية المتقدمة، فإن هذا المسار يعتمد بشكل كبير وفعلي على نمط الديموقراطية التمثيلية كأسلوب وآلية لحل اشكالات التنمية المجالية وتحدياتها، رغم التنصيص الدستوري على ضرورة تفعيل واعتماد الديمقراطية التشاركية وآلياتها المتمثلة في العرائض والملتمسات وكذا الهيئات التشاورية.

وإذا كانت مبادرات المجتمع المدني بقلتها، همت العرائض الموجهة للجماعات الترابية، فإن تفعيل الآليات التشاورية بالجماعات يشكل تحديا حقيقيا أمام التنزيل الحقيقي للديمقراطية التشاركية كنمط يكمل ويعزز اسلوب الديمقراطية التمثيلية منذ دستور 2011. فعلى الرغم من تأكيد القوانين التنظيمية للجماعات الترابية في 2015 على هذه الآليات وأهميتها في إرساء مشاركة مباشرة للجمعيات، فإنها لم تعرف طريقها إلى التجسيد الفعلي خصوصا في الجماعات المتواجدة بالمجالات القروية، حيث أبانت التجربة عن ضعف مساهمتها عبر تقديم آراء استشارية أو خلق مبادرات تمكن مكوناتها من لعب الأدوار المنصوص عليها في القوانين الداخلية للجماعات الترابية، مما يدل على قصور الجهود المبذولة لمواكبة تنزيل نمط الديمقراطية التشاركية. وتعاني هذه الهيئات من مجموعة من الصعوبات لعل أبرزها عدم اعتراف الفاعل الجماعي بالأدوار المنوط بها، مما يشكل عقبة أساسية أمام مأسسة مشاركتها كهيئات قانونية، وكذا الاعتراف بضرورة المشاركة المستمرة والمباشرة للمواطنات والمواطنين والجمعيات في مسار السياسات العمومية وتدبير الشأن العام المحلي، مما يؤثر سلبا على ثقافة الحوار والتشاور مع الموطنين والمواطنات بشأن كيفية تدبير الشأن العام، رغم التنصيص على ضرورة هذا الأمر دستوريا.

وإيمانا من الفضاء الجمعوي للتنمية التشاركية بأن التشاور يعتبر صيرورة حوار بين الأطراف المعنية بالمشروع المجالي للمجالس الترابية قصد المشاركة في اتخاذ القرار المتعلق بالرهانات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية ومختلف المبادرات التكميلية، وباعتباره عضوا فعالا بهيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع بمجلس عمالة مكناس، ومجلس جهة فاس مكناس سيرسي الفضاء الجمعوي مشروع « تعزيز التشاور الترابي المجالي » والذي يهدف الى تقوية قدرات الهيئات التشاورية كآلية ترابية لتفعيل الديمقراطية التشاركية بخمس جماعات ترابية بعمالة مكناس، اذ سيساهم في رفع التحديات المرتبطة بالمشاركة المواطنة للجمعيات عبر:

  • تقوية قدرات الجمعيات والفاعل المنتخب في مجال الديمقراطية التشاركية والتشاور العمومي بالتشريع المغربي؛
  • تحسيس وتعزيز التعامل المشترك للفاعل المدني والفاعل المنتخب بضرورة المشاركة في مسار السياسات الترابية؛
  • تعزيز موقع الهيئات التشاورية من خلال فتح نقاش جاد ومسؤول بين الفاعلين المعنيين بالإقليم؛
  • توفير المعطيات الأساسية والمعارف اللازمة لتسهيل المشاركة المواطنة للشباب والنساء المنخرطين في الجمعيات بالجماعات الترابية المستهدفة.

وتكمن أهمية هذا المشروع في تقوية قدرات مكونات هيئات المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع والمنتخبين الجدد وبعض فعاليات المجتمع المدني والطلبة الباحثين بالكليات في  خمس جماعات ترابية هي : سيدي سليمان مول الكيفان – مجاط – دخيسة – واد الجديدة – شرقاوة بالإضافة الى عضو بهيئة المساواة بمجلس جهة فاس مكناس،

ويتغيى إرساء هذا المشروع في المساهمة في تفعيل الحقوق الدستورية المتعلقة بالديمقراطية التشاركية والمواطنة كخيار دستوري للدولة المغربية، كما سيساهم في تعزيز التنمية المجالية وتبني المقاربة المجالية. بالإضافة الى أنه سيمكن المجتمع المدني بالجماعات القروية المستهدفة من المساهمة في السياسات العمومية عبر إعمال ميكانزمات الديمقراطية التشاركية.

وترتكز الأنشطة المزمع تنفيذها على مدى 12 شهرا في إطار هذا المشروع على:

  • تنظيم ورشات تدريبية لفائدة المنتخبين الجدد بالجماعات الترابية المعنية والفاعلين الجمعويين والنساء والشباب قصد تعزيز أدوار الهيئات التشاورية وإرساء مشاركة حقيقة؛
  • تنظيم المنتدى الرابع للمجتمع المدني التشاركي تحت شعار « الهيئات التشاورية الترابية آلية لتفعيل الديمقراطية التشاركية »؛
  • مواكبة الهيئات الاستشارية من أجل الترافع على القضايا التنموية بمناطقهم وصياغة آراء استشارية وملتمسات ومذكرات ترافعية وتتبعها؛
  • اعداد دلائل ودعامات حول اليات التشاور الترابي/ وكبسولات رقمية تعريفية بعملهم.

وللإشارة الفضاء الجمعوي للتنمية التشاركية بمكناس- هو خيار وتجربة مجموعة من الفعاليات المدنية بالعمالة، الذين راكموا تجربة طويلة في العمل الجمعوي الاجتماعي بصورة غير مهيكلة في العديد من المبادرات المحلية والجهوية والوطنية وقد تم تأسيسه قانونيا يوم 12 دجنبر 2013 وهو ذو اهتمامات متنوعة: الحكامة المحلية، الديمقراطية التشاركية، حقوق الإنسان، والمواطنة، والتعدد الثقافي وغيرها…، هدفه الأسمى الدفاع عن المبادئ والقيم الإنسانية والكونية (الديمقراطية، المساواة، المواطنة، التضامن، التنمية..).