الفضاء الجمعوي للتنمية التشاركية يرسي النسخة الرابعة من المنتدى الإقليمي للمجتمع المدني التشاركي تحت شعار ” التشاور الترابي الية للمساهمة في الحكامة المحلية وتفعيل الديمقراطية التشاركية”

في اطار الاجرأة الفعلية لمشروع الفضاء الجمعوي للتنمية التشاركية المتعلق بتعزيز التشاور الترابي المجالي بشراكة مع مجلس عمالة مكناس و كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس وتتميما للمراحل التي قطعها المشروع بداية باللقاء الافتتاحي مرورا بالتأهيل وتقوية القدرات وصولا الى القيام باللقاءات التشاورية الميدانية بخمس جماعات ترابية بمشاركة مجموعة من الفاعلين نذكر من بينهم (المنتخبون – الهيئات الاستشارية – المجتمع المدني – الطلبة الباحثين في سلك الدكتوراه القانون العام –بالإضافة الى مواكبة وسائل الاعلام ) بالإضافة الى اشراك جميع الفاعلين المحليين في المواضيع ذات البعد التنموي المرتبط أساسا بقضايا الشأن العام. من خلال تفعيل الأدوار المنوطة بالمجتمع المدني باعتباره قوة اقتراحية قادرة على التأثير في السياسات العمومية، من خلال ابراز أهمية موضوع التشاور الترابي كأحد الآليات المعززة للحكامة المحلية وتفعيل الديمقراطية التشاركية بالمغرب، كنهج هادف إلى إشراك المواطنين والمواطنات والمجتمع المدني في عملية صنع القرار على المستوى المحلي/ الترابي، مما يساهم في تحسين جودة الخدمات العمومية وتلبية احتياجات الساكنة بشكل أفضل.

وتعتبر محطة المنتدى الإقليمي الرابع للمجتمع المدني التشاركي سنة حميدة أصلها الفضاء الجمعوي للتنمية التشاركية بمكناس بدعم من الصندوق الوطني للديمقراطية (نيد) وبشراكة مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ومجلس عمالة مكناس وبمشاركة نيرة من الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمنتخبين الترابيين كلبنة أساسية نهدف من خلالها الرقي بالتشاور العمومي انطلاقا من مبدأ أن (الديمقراطية ترتكز على الحوار والتشاور البناء والمفتوح).

فتنظيم هذا الحدث الهام الذي اختير له شعار: “التشاور الترابي آلية للمساهمة في الحكامة المحلية وتفعيل الديمقراطية التشاركية” برحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس يوم الاربعاء 30 أكتوبر 2024 ليس اعتباطيا بل نصبوا من خلاله الى تقاسم كل النتائج والاكراهات والتحديات التي تواجه عملية تنزيل آليات التشاور الترابي بشكل عام من خلال فتح نقاش هادف ومسؤول حول المشاركة الفعلية للمواطنين والمواطنات في عملية صنع القرار العمومي المحقق للتنمية.

فاستحضار الفضاء الجمعوي للتنمية التشاركية رفقة شركائه يعد تجسيدا لدعم ثقافة روح المواطنة، وفتح باب المساهمة في النقاش العمومي خاصة في ابراز أهمية الديمقراطية التشاركية، والنموذج التنموي الجديد. هي قضايا محورية جسدت اهمية النقاش البناء، المؤسس للبعد التشاركي والتقائية البرامج التنموية الرابطة بين مؤسسات الدولة، والوحدات الترابية، والمجتمع المدني.

مائدة النقاش دسمة وممتعة، ومفتوحة بالرأي البناء التفاعلي، والمندمج مع قضايا تطوير الأداء والتمكين التنموي، واستخراج كم نوعي من الخلاصات والتوصيات، وتثبيتها للترافع عنها محليا وجهويا ووطنيا من قبل “الفضاء الجمعوي للتنمية التشاركية بمكناس”. وقد جسدت أرضيات المداخلات المتكاملة، تروم تفعيل بنود وفصول “آليات التشاور الترابي”، وتوطين أسس الديمقراطية التشاركية.

في مستهل أشغال النسخة الرابعة للمنتدى الإقليمي الرابع تناول الكلمة الافتتاحية الاستاذ حسن جبوري رئيس الفضاء الجمعوي للتنمية التشاركية بمكناس، الذي رحب بالحضور الكريم وبالسيدة حليمة غيات ممثلة عن الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان وبالأساتذة الاجلاء والمحاضرين وكذلك بعميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ونائبه ورئيس شعبة القانون العام الذين أتاحوا الفرصة لإنجاز هذا اللقاء بفضاء جميل ومناسب لهذه التظاهرة الفكرية الهامة، مذكرا بالسياق الذي يأتي فيه تنظيم هذا اللقاء، والأهداف المنشودة منه، مستحضرا أهمية المقاربة التشاركية في صنع القرار التنموي المحلي، إذ بواسطته يتاح للمواطنين والمواطنات، عبر مجموعة من الآليات التشاورية، التعبير عن آرائهم وانتظاراتهم.

كما أضاف في كلمته الترحيبية بالتطرق للتحولات المستجدة من خلال التأكيد على ” الدور المستقبلي للوحدات الترابية، والتي تتطلع لتجعل المجال الترابي فضاء خصبا للعيش المشترك، وارضية للتمكين الامثل، للحكامة المرسخة للقيم ولثقافة الترافع الديمقراطي التشاركي …”.

المداخلة الافتتاحية: دور الوزارة في تعزيز المشاركة المواطنة عبر استثمار آليات الديمقراطية التشاركية والتشاور العمومي من تقديم: السيدة المحترمة حليمة غيات رئيسة قسم النهوض بالمشاركة المواطنة بمديرية العلاقات مع المجتمع المدني بالوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان

في بداية مداخلتها شكرت ممثلة السيد الوزير الفضاء الجمعوي للتنمية التشاركية على انخراطه الفعال في البرامج الهادفة إلى إشراك المواطنين والمواطنات، كما ذكرت بمساهمة الوثيقة الدستورية لسنة 2011 كمدخل اساسي لفعل تشاركي مؤسس للديمقراطية التشاركية، التي تمكن المجتمع المدني من الانخراط في صناعة القرار المحلي من خلال مجموعة من الاليات، كما أشارت كذلك إلى انخراط الوزارة في تعديل النصوص القانونية التي تسهل باب المشاركة المواطنة من خلال تبسيط المساطر والإجراءات بغية مشاركة أكبر للجمعيات، مذكرة بانخراط الوزارة كذلك في إعداد مجموعة من الاستراتيجيات، أهمها “استراتيجية نسيج” التي تسعى إلى تأهيل البيئة القانونية وتنويع الدعم والرفع من القدرة التدبيرية للنسيج الجمعوي، هذا بالإضافة إلى مجموعة من المبادرات ذات الصلة برقمنة مشاركة المواطنين وتكوين الجمعيات عن بعد.

المداخلة الأولى: الآليات التشاركية للحوار والتشاور وتجويد القرار العمومي الترابي من تقديم السيد المحترم رشيد البوني، أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس

استهلها بالتذكير بأهمية الديمقراطية التشاركية في التجربة المغربية كمدخل لتحقيق لا مركزية القرار العمومي، والتي اعتبرها مكملة للديمقراطية التمثيلية، مشيرا إلى فصول دستور 2011 ذات الصلة بالموضوع، والتي ساهمت إلى حد كبير في تجويد القرار العمومي. كما عرج الأستاذ البوني على مجموعة من المفاهيم من قبيل التشاور، القرار العمومي، الديمقراطية التشاركية والتجويد، مستعرضا مجموعة من الأمثلة حول الاليات التشاورية المعتمدة على صعيد الجماعات الترابية بمختلف جهات المملكة، ليختتم تدخله في الأخير بالصعوبات التي تقف في وجه التجربة المغربية، والتي اعتبرها نوع من التمرين الديمقراطي، الذي يجب الاستفادة منه لبناء غد أفضل.

المداخلة الثانية: تأثير التشاور الترابي على صنع السياسات العمومية من تقديم السيد المحترم عبد المالك حاجي، خبير في مجال التنمية الترابية

أكد فيها على أهمية وراهنية الموضوع من خلال السياق العام للتجربة المغربية في بعدها القانوني والمؤسساتي والفعل المؤثر على السياسات العمومية. كما أشار كذلك الى التشاور كميكانيزم للديمقراطية التشاركية وضرورة الاستفادة منه لتفعيل سياسة عمومية حقيقية يستفيد منها الجميع، وهي مناسبة، حسب الاستاذ عبد المالك، لإشراك جميع الفاعلين في حوار وطني يؤدي في النهاية إلى بناء جماعي للأهداف المشتركة.

معتبرا أن التشاور هو فرصة للتأثير في السياسات العمومية الترابية وضمان الإلتقائية وتعزيز الثقة بين جميع الفاعلين. وأشار كذلك لبعض الصعوبات التي تحد من إرساء التشاور بما في ذلك غموض النصوص وغياب ثقافة المشاركة وسوء الفهم والتمكن لدى الفاعل المحلي، لتجاوز هذه الصعوبات، حسب المتدخل، بالعمل المشترك وتشجيع الولوج إلى المعلومة وتقوية قدرات الفاعلين ووضع المواطنين والمواطنات في قلب المسار التشاوري.

المداخلة الثالثة: الاستدامة الذكية والتشاور الترابي: محركات النموذج التنموي الجديد من تقديم السيد المحترم محمد جعفر، أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس

تطرق الأستاذ المتدخل إلى الجانب النظري والإجرائي للموضوع انطلاقا من مجموعة من المفاهيم ذات الصلة بالديمقراطية الذكية والتكنولوجيا الحديثة، في هذا السياق أشار إلى أهمية المنصات الخاصة بتعزيز التشاور والمشاركة المواطنة. كما تناول بالتحليل تجارب بعض الدول الرائدة في الذكاء والتقارب المجالي في تدبير بعض القطاعات والتي حققت نجاحات مهمة على مستوى المالية السنوية وتدبير النفايات وتمويل المشاريع وخلق فرص الشغل، مذكرا بضرورة مواكبة التطورات التكنولوجية التي تتمشى مع المتغيرات المناخية من خلال التخطيط المستدام الذكي المرسي للحكامة البيئية وللاقتصاد الدائري التجديدي الذي يهدف الى توطين الحياة الاجتماعية بصورة أفضل في مجال الصحة والسكن والبيئة والشغل والتعليم. ليختتم عرضه بالتأكيد على أن مداخل الديمقراطية الذكية ترتكز على التصويت وإشراك المواطن وتوجيه المالية التشاركية نحو ارساء تنمية مستدامة ملبية للعيش الكريم.

المداخلة الرابعة: شهادة حول الجانب العملي لتفعيل التشاور الترابي: السيد المحترم حسن اليماني، رئيس جماعة سيدي سليمان مول الكيفان ونائب برلماني عن دائرة مكناس

عرض فيها المتدخل باعتباره فاعلا محليا منتخبا تجربة جماعة “سيدي سليمان مول الكيفان“، حيث قدم مجموعة من المعلومات حول الجماعة وكيف ساهمت في تفعيل آليات التشاور على الصعيد المحلي، إضافة إلى مجهودات الجماعة في الجانب المتعلق بإشراك المواطنين وانفتاحها على كل المبادرات الهادفة إلى إشراك المجتمع المدني وفي صناعة القرار المحلي عن طريق التنزيل الامثل لآليات التشاور الترابي.

وقد شكلت مداخلات الاساتذة الاجلاء مناسبة لفتح نقاش جاد ومسؤول من طرف الحضور الذين تفاعلوا تفاعلا إيجابيا مع محتوياتها الفكرية والنظرية والتطبيقية باعتبار ملائمة ما طرح من مواضيع يجسد تطلعات الفئات الحاضرة ذكورا واناثا خصوصا وأن جل التدخلات تناولت معيقات تفعيل آليات التشاور العمومي، وتحديد بعض المفاهيم، كسؤال الاستدامة في السياسات العمومية، وبالإضافة الى المجهودات المبذولة من طرف المجتمع المدني من اجل تنزيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بالمشاركة المواطنة، واخيرا نسب مشاركة النساء والشباب في الهيئات الاستشارية وكذا تدبير الشأن العام خصوصا بالعالم القروي.

تفاعل الاساتذة المتدخلين مع اسئلة المشاركين والمشاركات جاءت مركزة حسب كل تدخل لكن اجمعت على أن الكل مسؤول على التنزيل السليم لمضامين دستور 2011 المؤكد في فصوله على أهمية التواصل المنظم للحوار المؤسساتي والنقاش والاستماع، والتعاون بين المؤسسات المنتخبة والسلطات والساكنة للمشاركة في اتخاذ القرارات والمساهمة في تنزيل البرامج والمشاريع التنموية التي تمس الحياة العامة.

اجمالا تميزت العروض بمستوى متميز مرتكز على التخصص الموضوعاتي للمتدخلين مما مكن الحضور من إغناء معارفهم وتقوية قدراتهم النظرية على مستوى القضايا المرتبطة بالتشاور الترابي كآلية للنقاش حول المشاركة الفعلية للمواطنين والمواطنات في عملية صنع القرار العمومي المحقق للتنمية.

هذا وقد خلصت الدورة الرابعة للمنتدى الإقليمي للمجتمع المدني التشاركي، إلى عدة خلاصات وتوصيات أهمها:

    تعزيز ثقافة العمل المشترك؛

    اعتماد مقاربة شمولية جديدة ومبتكرة لضمان مشاركة المتدخلين واستقلاليتهم؛

    الترافع عبر آليات التشاور العمومي؛

    تشجيع الولوج الى المعلومة وتعميمها؛

    توضيح النصوص القانونية واخراج القانون المنظم للتشاور؛

    ضمان تموقع الفاعل المدني مع توفير الموارد اللازمة للهيئات الاستشارية؛

    تقوية قدرات الفاعلين في مجال التشاور والمشاركة المواطنة؛

    وضع المواطنين والمواطنات والجمعيات في قلب مسار التشاور الترابي؛

    جعل الانخراط في الهيئات الاستشارية متاحا للجميع؛

    توفير منصات رقمية آمنة كقنوات جديدة للتواصل والتفاعل بين المواطنين والسلطات المحلية؛

    إشراك القطاع الخاص في عملية اتخاذ القرار؛

    وجود إرادة سياسية قوية وإطار قانوني مناسب يكفل حقوق المواطنين في المشاركة الفعالة؛

    العمل على بناء القدرات وتكوين الأطر المنتخبة على كيفية تنفيذ استراتيجيات التشاور بكفاءة.

ليختتم هذا المحفل الفكري والعلمي بتأبين روح المرحوم الدكتور عبد الغني بوعياد وتقديم تذكار كعربون على كل ما قدمه من انجازات للبحث وللجامعة ولكلية الحقوق بمكناس، تسلمها نيابة عن اسرته الدكتور محمد شميعة عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس كما تمت بالموازاة تقديم شواهد تقديرية لكل الاساتذة الاجلاء الذين أغنوا النقاش بمداخلاتهم الهادفة بالمنتدى الاقليمي الرابع بالإضافة الى تكريم ثلة من دكاترة الاجلاء بالقانون العام بكلية الحقوق بمكناس الذين انخرطوا بوعي في انجاح الشراكة المبرمة بين هذه المؤسسة العتيدة والفضاء الجمعوي للتنمية التشاركية.

ليسدل الستار عن الدورة الرابعة للمنتدى الاقليمي الرابع بتلاوة برقية الولاء والاخلاص للسدة العالية بالله صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، ودعوة الحضور في النهاية لحفل شاي على شرفهم.