غالبا ما ينظر إلى النظام الضريبي على أنه مجال تقني محض، حيث يسود الاعتقاد بأن الخبراء وحدهم هم الذين لهم إلمام
بهذا الميدان، على اعتبار أن الإصلاح الضريبي الذي أنجز في الثمانينات وهي السنوات التي بوشر فيها التخطيط المتعلق
بالتسوية البنيوية، قد تم تصوره ووضعه أساسا من لدن الخبراء والتقنيين، وإن المشاركة الضعيفة إن لم نقل الهامشية –
للمؤسسات المسماة تمثيلية ضمن سياق تاريخي خاص على امتداد سنوات الرصاص، من شأنها توضيح الأسباب الرئيسية
لضعف انخراط المواطنين في نظام ضريبي يعد نظاما إقراريا )أي مبني على تقديم التصريح(.
إن الانتقال من لفظ «الرعية » )*( إلى لفظ «المواطن » هو أيضا انتقال من مصطلح «الخاضع للضريبة » إلى مصطلح «الملزم
بالضريبة »، وإذا قلنا بأن الضريبة لها مكانتها في قلب المواطنة فكيف يتأتى لنا تعزيز وتقوية انخراط المواطن في الضريبة
إذا كان هذا الأخير يجهل واجباته وحقوقه في الميدان الضريبي؟ وكيف السبيل إلى التعريف بمبدأ العدالة الضريبية وبحق
الولوج إلى المعلومة المالية اللذين عمل الدستور على تكريسهما بمقتضى الفصلين 39 و 27 منه؟ وكيف يمكننا الإسهام في
تطوير صفة المواطنة لدى الملزمين حتى تكون نشيطة وفعالة، حيث يمكن للمواطن الملزم بالضريبة، باعتباره واعيا بحقوقه
وواجباته الضريبية، الإصرار على مطالبة السلطات العمومية بتقديم الحسابات المتعلقة باستعمال الأموال العمومية على
كافة الأصعدة.
وإذا كانت المقاولة تحبذ اللجوء إلى المهنيين لتدبير عملياتها الضريبية، وهذا السلوك غير وارد بالنسبة للخواص، فإن
«الإغفالات الكبرى » للنظام الضريبي، بالنظر للقصور الحاصل في التواصل، تعتبر مع ذلك أمرا حيويا لتقوية العلاقة
الاجتماعية وتجسيد الحياة المشتركة.
ذلك هو المطمح المتوخى من هذا الدليل الأول وأهدافه التي يراد منها تكثيف الجهود لأجل المشاركة في دينامية جماعية
جديدة تتلاءم مع تنمية وتطوير صفة المواطنة وجعلها مسؤولة ونشيطة.