«نداء الحياة»
أزرو 22 مارس 2022
لم يعد ثمة شك في أن المغرب انتقل من مرحلة قلة المياه، إلى مرحلة ندرة المياه، فقد تراجعت كمية الماء المخصصة للفرد الواحد إلى ما يقارب 650 متر كعب في السنة، مما يعكس بجلاء أن بلادنا مهددة بشكل كبير بعجز غير مسبوق في هذه المادة الحيوية، ولقد ظهرت الإرهاصات الأولى لهذا العجز في كثير من المناطق، إذ تنخفض النسبة المذكورة سابقا إلى أقل من 350 متر مكعب للفرد، مع العلم أن المعدل العالمي يقارب 1050 متر مكعب للفرد سنويا.
وقد أكدت مجموعة من الدراسات والتقارير الوطنية والدولية أن المغرب على أبواب أزمة مائية حادة ستتفاقم مع توالي السنوات، ستكون لها تأثيرات خطيرة على الاستقرار المجتمعي، والأمن الغذائي.
ووعيا من كل مكونات جمعية بلا حدود، وشركائها، بأهمية المحافظة على الماء باعتباره ثروة وطنية فإنها تصدر هذا البيان انسجاما مع توجهاتها، واهتماماتها البيئية، وتدعو من خلاله كل المسؤولين والمهنيين وكافة المواطنين في الحواضر والبوادي إلى ضرورة التعبئة الوطنية الشاملة من أجل الحفاظ على الحق في الحياة عبر الحرص على الاستغلال المعقلن للمياه في جميع المجالات، والعمل على تغيير سلوكاتنا اليومية في التعاطي مع الماء باعتباره عصب الحياة، كما تناشد صناع القرار في المؤسسات المعنية بهذا الموضوع أن يبذلوا واسع الجهد من أجل إقرار سياسات واضحة وناجعة لتدارك الخلل المسجل في تدبير الموارد المائية، والإسراع بتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتطوير الماء، وتعزيز سياسة بناء السدود، وأجرأة القوانين المتعلقة باستغلاله، وإعادة النظر في السياسة الفلاحية، وذلك بإقرار جيل جديد من القوانين فيما يخص المنتوجات الفلاحية المستهلكة للمياه، وتوزيعها بشكل عادل على المناطق والجهات، بغرض تقليل الضغط على الموارد المائية.
ومن المعلوم أن اليوم العالمي للماء هذه السنة يصادف بوادر جفاف يخيم على المغرب، وعلى كثير من دول العالم، وبهذه المناسبة فقد تناول تقرير الأمم العالمي عن تنمية الموارد المائية لسنة 2022 موضوع: “الموارد المائية الجوفية” مشددا على ضرورة إدارتها بعناية، لأنها تمثل الوسيلة الوحيدة والميسورة التكلفة لتمكين سكان المناطق القروية، والمحرومين من الخدمات في مختلف أنحاء العالم من الانتفاع بالماء، وأوضح التقرير أن المياه الجوفية تظل معرضة لخطر الاستغلال المفرط والتلوث، مما يتطلب استخدامها بشكل مستدام. كما أشار التقرير إلى أن معظم الموارد المائية الجوفية في المنطقة العربية وشمال إفريقيا غير متجددة، ويجب إدارتها باستحضار هذا المعطى الهام.
إن المحافظة على الماء، واستخدامه بشكل مستدام، والتفكير في حلول لتقليص العجز المسجل في بلادنا في هذه المادة الحيوية يستلزم انخراط الجميع، وبشكل واع ومسؤول، انطلاقا من أبسط التصرفات في الحياة اليومية في منازلنا إلى كل المجالات والقطاعات المستهلكة للمياه، مع العمل على توسيع مجال التوعية والتحسيس بأهمية المحافظة على الماء في صفوف المواطنات والمواطنين، وفي الأوساط المدرسية، عبر كل الوسائل الممكنة، مع تخصيص فقرات إعلانية قارة في الإعلام العمومي للمساهمة في هذا الرهان الوطني الذي نتحمل فيه المسؤولية المشتركة كل من موقعه، وإلا فإن نحن وأبناءنا وأحفادنا سندفع الثمن غاليا مقابل استهتارنا ولا مبالاتنا، وتأخرنا في اتخاذ الإجراءات اللازمة والمناسبة لضمان استدامة مواردنا المائية الوطنية.
عن جمعية بلا حدود بأزرو