مقترحات بشأن مشروع قانون رقم 10.23 تعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية

راسلت جمعية الريف لحقوق الإنسان، بتاريخ 26 شتنبر 2023، الفرق البرلمانية والمجموعة النيابية داخل مجلس النواب لعرض مقترحات الجمعية بشأن مشروع قانون رقم 10.23 يتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية المعروض للمناقشة داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان.

وتضمنت وثيقة المقترحات الديباجة التالية:

ديباجة

 إن الهدف العام من إيداع الشخص المدان قضائيا بمؤسسة سجنية لقضاء عقوبته لم يعد ينحصر في تطبيق العقوبات وفق ما هو مقرر في القانون الجنائي وإنما يتعداه إلى ما يصطلح عليه في القانون الدولي للسجون بـ »المعالجة » والتي ترمي إلى  إدماج المعتقلين في مجتمعهم بعد إنهاء مدة محكوميتهم[1]. ولأجل تحقيق هذا الهدف يجب أن يتم إخضاع المعتقلين في فترة قضائهم للعقوبة في المؤسسة السجنية إلى برامج خاصة والتي يجب أن يتم تنزيلها في ظل ظروف اعتقال موصوفة بالإنسانية. وقد أكد دستور المملكة على ذلك بمقتضى الفصل 32 الذي ينص على أنه « يتمتع كل شخص معتقل بحقوق أساسية، وبظروف اعتقال إنسانية ».

وفي هذا الصدد، أكد الملك في نص الخطاب الذي ألقاه خلال افتتاح السنة القضائية بتاريخ 29 يناير 2003 على لزوم تمتيع السجناء بكافة الحقوق التي تكفل كرامتهم الإنسانية بالرغم من سلب حريتهم، حيث قال: »إن ما نوليه من رعاية شاملة للبعد الاجتماعي في مجال العدالة لا يستكمل إلا بما نوفره من الكرامة الإنسانية للمواطنين السجناء التي لا تجردهم منها الأحكام القضائية السالبة للحرية ».

غير إن تبني خطاب أنسنة السجون يصطدم بواقع المؤسسات السجنية والذي ترجع أبرز أسبابه إلى القانون والممارسة، والتي من نتائجها الرئيسية الوضع الكارثي الذي تعيشه الساكنة السجنية من جراء الاكتظاظ، وهو ما يشكل بحق أبرز عثرة في وجه إنفاذ السياسات التي تستهدف أنسنة ظروف الاعتقال. وفي هذا الصدد ذكر المندوب العام لإدارة السجون في كلمة تقديمية لتقرير الإدارة العامة للسجون برسم سنة 2022 أن » الاكتظاظ في المؤسسات السـجنية هو أكبر التحديات التـي تواجههـا المندوبية العامـة في سـعيها إلى تنزيـل مختلـف البرامج الإصلاحية، لذلـك، فهـي توجـه حيـزا كبيرا مـن جهودها لتحديـث حظرية السـجون والرفـع مـن طاقتها الاستيعابية من أجل معالجـة هذه المعضلة وتمكين السـجناء مـن تمضية فترة العقوبة في ظروف إنسـانية ».

إن أنسنة ظروف الاعتقال ليست مجرد خطاب للاستهلاك الحقوقي، ولا يمكن أن تتحقق من خلال تغييرات طفيفة في النصوص القانونية التي تنظم السجون، بل هي فلسفة تتطلب بالضرورة تغييرا جذريا في نظام السجون نفسه، بما يتوافق مع قيم حقوق الإنسان الكونية. هذا التغيير يجب أن يكون في صميمه تمتيع السجناء بكافة حقوقهم الإنسانية، وفقا لما ينص عليه القانون الدولي لحقوق الإنسان، ويجب أن يتميز بأن كل تقييد يفرض على السجناء يتوافق مع معيارين أساسيين وهما الضرورة والتناسب.

ولأجل ذلك، أقدمت جمعية الريف لحقوق الإنسان على اغتنام فرصة مناقشة مجلس النواب لمشروع القانون رقم 10.23 يتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية، والذي جاء بالعديد من المقتضيات المهمة التي تصب في إطار إنفاذ سياسة أنسنة السجون، وذلك بتقديم مقترحاتها بهدف المساهمة في صياغة نص قانوني يلبي تطلعات الهيئات الحقوقية ويتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

[1]- تنص القاعدة 65 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء على ما يلي: « إن الهدف من معالجة المحكوم عليهم بالسجن أو بتدبير مماثل يحرمهم من الحرية يجب أن يكون، بقدر ما تسمح بذلك مدة العقوبة، إكسابهم العزيمة على أن يعيشوا في ظل القانون وأن يتدبروا احتياجاتهم بجهدهم، وجعلهم قادرين على إنفاذ هذه العزيمة. ويجب أن يخطط هذا العلاج بحيث يشجع احترامهم لذواتهم وينمى لديهم حس المسؤولية ».

(أوصي باعتمادها مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في جنيف عام 1955 وأقرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي بقراريه 663 جيم (د-24) المؤرخ في 31 يوليوز 1957 و2076 (د-62) المؤرخ في 13 ماي 1977).

كما تنص الفقرة الأولى من القاعدة 4 من قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا) على ما يلي: « 1 – ترمي عقوبة الحبس وغيرها من تدابير حرمان الأشخاص من حرِّيتهم بصفة أساسية إلى حماية المجتمع من الجريمة والحدِّ من حالات معاودة الإجرام. ولا سبيل إلى تحقيق هذين الغرضين إلاَّ إذا استُخدمت فترة الحبس للوصول، حتى أقصى مدى مستطاع، إلى ضمان إعادة إدماج أولئك الأشخاص في المجتمع بعد إطلاق سراحهم، بحيث يتمكَّنون من العيش معتمدين على أنفسهم في ظلِّ احترام القانون ».

(صدرت هذه القواعد بمقتضى القرار رقم 70/175 اتخذته الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة في 17 دجنبر 2015).

Télécharger les fichiers