التمثيلية السياسية للنساء في الجماعات الترابية: عنف أم تمكين ؟

في سياق تتبع التطورات السياسية التي عرفها  المغرب بعد الاستحقاقات الانتخابية الثالثة من نوعها بعد دستور 2011 ،والتي أسفرت عن تقدم طفيف في ولوج النساء للمجالس المنتخبة ، دون إحداث نقلة نوعية على مستوى  النفاذ لأجهزة التسيير و رئاسة الجماعات الترابية وتحقيق تمكين سياسي للنساء ، فنتائج التمثيلية السياسية للنساء تتعارض مع المقتضيات الدستورية المتعلقة بالمناصفة ولا تعكس مستوى النضال الذي تخوضه الحركة النسائية حول فعلية و فعالية تحقيق المساواة على جميع المستويات وخاصة المشاركة في صنع السياسات العمومية وطنيا وترابيا.

مستوى الحقوق السياسية يبقى رهانا تنمويا ، يحتاج إلى إرادة المشرع و الأحزاب السياسية و إلى بيئة حاضنة تعتبر أن المساواة الفعلية حق و أساس الديمقراطية.

هذا من جهة ومن جهة أخرى، بالإضافة لحوادث العنف الكثيرة التي تم رصدها وطنيا في صفوف النساء المنتخبات،

إن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، سجلت إبان انتخابات 8 شتنبر  2021 العديد من الممارسات المندرجة في إطار العنف السياسي من قبيل إقصاء بعض الكفاءات النسائية ، وعدم تمكين منتخبات من الولوج للمهام التنفيذية داخل مكاتب مجالس الجماعات،  و عدم  تحقيق الأمن القانوني والقضائي في مختلف الأحكام المتعلقة بعدم تفعيل مقتضيات المادة 17 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات بالرغم من وضوح صيغة الوجوب « …يتعين العمل على أن تتضمن لائحة ترشيحات نواب الرئيس عددا من المترشحات لا يقل عن ثلث نواب الرئيس… »

 ومازلت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب تتلقى العديد من الشكايات المتعلقة بمواصلة العنف السياسي والتمييز داخل المجالس المنتخبة وأخرها ما تعرضت له مستشارة بجهة الداخلة وادي الذهب من سب وشتم وتحقير بسبب الإعاقة وقذف بكلام ناب يندى له الجبين في اجتماع رسمي  للجنة المالية ولجنة الشؤون  الاقتصادية بمقر الجهة .

لذا فإننا  في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب:

  • نسجل تضامننا المطلق واللامشروط  مع كل النساء اللواتي تعرضن لأي شكل من أشكال التضييق والإقصاء والعنف أو التحكم والابتزاز دون أية حماية وفي تعارض تام مع مضامين الدستور .
  • نعتبر أن العديد من لاعتداءات التي تعرضت لها المنتخبات ، ليست حوادث عرضية تخص حالات منفردة بل هي ظاهرة تدخل في إطار العنف السياسي المبني على النوع الاجتماعي، والذي يهدف من خلاله المعتدون إرهاب النساء وعزلهن عن الفضاء العمومي وإقصائهن من العمل السياسي، مما يزكي أهمية مراجعة قانون 103.13 لمناهضة العنف ضد النساء حتى يشمل جميع أشكال العنف بما فيه العنف السياسي.
  • نؤكد على خطورة مثل هذه الممارسات التمييزية وأثرها الجسيم على المشاركة السياسية للنساء، لأنها لاترمي إلى إرهاب النساء وإبعادهن عن العمل السياسي وإقصائهن من تدبير الشأن العام الوطني والترابي فقط بل تهدف إلى تسويق صورة سيئة ومسيئة للمشاركة السياسية ولعدم قدرتها على مواصلة العمل الانتدابي.

وتؤكد الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب على مواصلة النضال من أجل تحقيق المساواة الفعلية في ولوج ونفاذ النساء إلى الولايات والوظائف الانتخابية من خلال :

  • تحصين المسلسل الديمقراطي من خلال توسيع الحريات وتفعيل حقوق الإنسان في شموليتها وعدم قابليتها لتجزيء ، و عن طريق تقوية الأطر المؤسسية والقانونية الضامنة للمساواة الفعلية؛
  • الاستمرار في اعتماد آليات التمييز الإيجابي القانونية وتطويرها باستعمال آلية « المناصفة « مع التنصيص على تدابير زجرية في حالة مخالفة وعدم تفعيل مقتضيات القانون المتعلقة بتشجيع التمثيلية السياسية للنساء؛
  • توفير بيئة ملائمة للعمل والتمكين السياسي في جميع المؤسسات المنتخبة مع ضمان الحماية اللازمة للنساء ومناهضة جميع أشكال العنف والتمييز السياسي والتنصيص عليها في القوانين والأنظمة الداخلية؛
  • وضع أسس الأمن القانوني والقضائي و تيسير الولوج للعدالة والإنصاف وتمكين النساء من التقاضي الاستراتيجي بما يضمن التمكين السياسي الحقيقي للنساء.
  • التسريع بإخراج وبتفعيل هيئة المناصفة ومناهضة جميع أشكال التمييز لتكون آلية أساسية لتلقي الشكايات المتعلقة بالعنف والتمييز الممارس ضد النساء وللمساهمة في تعزيز المساواة والمناصفة،
  • وضع مؤشرات خاصة بتتبع مدى تفعيل التمكين السياسي للنساء في جميع المؤسسات المنتخبة؛
  • محاربة الصور النمطية السائدة في المجال السياسي و خاصة في المؤسسات المنتخبة ؛
  • ربط التمكين السياسي للنساء بالاستقلالية والقدرة على اتخاذ جميع القرارات الشخصية والمهنية وتسهيل مختلف الخدمات المرتبطة بالعمل الإنجابي .