يخلد منتدى الزهراء للمرأة المغربية ذكرى اليوم العالمي للأسرة هذه السنة في ظل استمرار العدوان الوحشي والهمجي الذي يشنه الكيان الصهيوني لأكثر من 7 أشهر على المدنيين ولاسيما في حق النساء والأطفال وتدمير البنيات التحتية والمنازل السكنية واستهداف المساجد ودور العبادة والمستشفيات والأطقم الطبية وسيارات الإسعاف المدني ومنع مرور المساعدات الإنسانية وحرمان شعب أعزل من الماء والكهرباء والدواء وهو ما يتعارض مع مقتضيات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ويمثل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة حقيقية.
وفي المغرب تحل ذكرى 15 ماي هذه السنة مع استمرار تدهور مستوى معيشة الأسر وانخفاض مستوى ثقتها من جراء الغلاء المفرط لأسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق، كما يسجل المنتدى انهيار القدرة الشرائية للفئات الفقيرة بل وفي صفوف الطبقة الوسطى أيضا، وفي هذا السياق يحذر المنتدى من التداعيات الاجتماعية لهذا الارتفاع المتزايد للأسعار على استقرار الأسر ومستوى عيشها، ويدعو الحكومة وكافة الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات سريعة لإنقاذ القدرة الشرائية للأسر المغربية وضمان الحد الأدنى للعيش الكريم لها وصيانة حقوق مكوناتها.
فيما يتعلق بورش مدونة الأسرة، فإن المنتدى يجدد التأكيد على أهمية المقاربة التشاورية والتشاركية التي دعا إليها جلالة الملك لفتح النقاش حول مدونة الأسرة. وبعد أن انتهت الهيئة مرحلة المشاورات وسلمت خلاصة عملها ومشاوراتها لرئيس لحكومة قصد رفعه للملك، وفي انتظار مشروع القانون الذي ستتم إحالته على البرلمان وفق المقتضيات الدستورية والقانونية المعمول بها، فإن المنتدى يجدد التأكيد على ما يلي:
- إن تعديل مدونة الأسرة ينبغي أن يستجيب للإشكاليات الحقيقية والواقعية التي تهدد تماسك الأسرة المغربية وعلى رأسها ارتفاع نسبة الطلاق وعدم فعالية مسطرة الصلح القضائي والتعقيدات المسطرية لمسطرة الزواج، وليس التماهي مع بعض الأجندات الإيديولوجية التي تروج لمطالب بعيدة عن الإشكالات الحقيقية للأسرة المغربية.
- أن الإصلاح المنشود ينبغي أن يتم في احترام تام للمرجعية الإسلامية للمجتمع المغربي، ولخصوصياته التاريخية والثقافية والحضارية، وثوابته الجامعة المستقرة في أسمى قانون وهو الدستور، وأن يجيب عن الإشكاليات الواقعية، وذلك في تلازم تام مع ضرورة إعمال أدوات الاجتهاد، والأخذ بمقاصد الإسلام في تكريم الإنسان، والعدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف، وذلك من أجل معالجة حكيمة للاختلالات التي ظهرت عند تطبيقها القضائي وإخراج مدونة تتلاءم مع تطورات الأسرة المغربية.
- إن القول بتعديل مدونة الأسرة في إطار المرجعية الإسلامية، هو ليس اختيار اجتهادي خاص بمنتدى الزهراء، وإنما هو الإطار المرجعي الذي تنطلق منه مدونة الأسرة في حد ذاتها، فمقتضيات المدونة تغطي أحكام الزواج والطلاق والحضانة والنفقة والإرث وغيرها كما هي موجودة في الشريعة الإسلامية، ولذلك فإننا نرى أن كل مطالب التعديل أو التغيير لنصوص المدونة التي لا تتوافق مع التشريعات القطعية الواردة في القرآن والسنة وإن وردت في اتفاقيات دولية، تعتبر متعارضة مع أحكام الدستور ولا يمكن بحال إقرارها.
- إننا نتطلع كشبكة نسائية تشتغل من أجل حقوق المرأة واستقرار الأسرة أن ينجح المغرب في اعتماد تشريع أسري يشكل خطوة مهمة لتحقيق العدل والإنصاف داخل الأسرة ويضمن استقرارها وكذا استمرارها في أداء وظائفها الأساسية، وأن يستجيب لتطلعات المغاربة الذين تفاعلوا مع هذا الورش بمسؤولية ووطنية وعبروا عبر محطات متعددة عن تمسكهم بثوابت هذه الأمة ومرتكزاتها الحضارية وخياراتها الراسخة.
- كما نتطلع في هذه المناسبة لاستكمال بلادنا لمسار التنزيل الحقيقي لمقتضيات دستور 2011 ولاسيما الفصل 32 منه وذلك بإخراج كل من المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة والخطة الوطنية لحماية وتنمية الأسرة في أفق إرساء سياسة عمومية مندمجة للأسرة.